بقلم الكاتبة والروائية آية السيابي
كتبتُ رواية “العنبر الخامس” لأفتح نافذة على الداخل المعتم، داخل المرأة العربية التي كثيراً ما وجدت نفسها متهمة بلا ذنب إلا جنسها، وأحياناً لموقفها، أو لصوتها، وحتى لصمتها!
اخترت فضاء السجن كسقف للرواية لأنه الأكثر صدقاً، حيث يكون الإنسان حقيقياً أكثر مما يجب. وتتحدث النساء فيه بوجعٍ مجرد من كل شيء، كاشفات عن آليات القمع متحررة من لغتها القانونية المحايدة.
تدور الرواية في سجن نسائي يضم عدداً من الشخصيات المتباينة الخلفيات، ممن لم تنصفهنّ الأعراف. تتناول قضايا نساء تورطن في جرائم لم يخترنها، وأخريات اخترن الذنب متجهات إليه لأن البدائل كانت أكثر قسوة. ورغم ذلك، كان السجن أشد وجعاً وإيلاماً، وانتهاكاً لكل خلية فيهن. تطرح الرواية هذه القضايا من زاوية نفسية وعاطفية، لذا فهي لا تصدر حكماً، بل تطرح سؤالاً: من هو المذنب حقاً؟ ومن يستحق السجن فعلاً؟ وكيف انتهت المرأة العربية السجينة إلى أنها لا تملك القرار في جسدها؟
تميل لغة الرواية إلى التوتر الجمالي، لأنها تراهن على البعد النفسي للحكاية. وبالرغم من أن الرواية عن النساء، إلا أنها ليست حصرياً لهنّ؛ فهي عن كل من جُرّد من صوته، ثم استعاده بالكتابة.
أطمح أن تُترجم رواية «العنبر الخامس» ليصل صوت السجينات إلى أبعد من جدران الوطن العربي، وإلى كل قارئ يقدّر الأدب بوصفه فعلاً حراً وصوتاً للوجع الإنساني المشترك. أرى أن في هذا العمل ما يستحق أن يُسمع بلغات أخرى، لذا أريد لهذا الصوت أن يصل بصيغة نداء إنساني، وكفى بذلك سبباً.
جاء ذلك على خلفية الأمسية الثقافية حول رواية «العنبر الخامس» التي نظمتها مكتبة قرّاء المعرفة في سلطنة عُمان