محمد نبراس العميسي
في مدينة مأرب، حيث يختلط التاريخ بعنفوان الحاضر، ينهض مستشفى كرى العام كصرحٍ طبيٍّ وإنساني، يشبه واحةً خضراء وسط صحراء ممتدة، يمد يديه إلى كل محتاج، ويغدو ملاذاً للمرضى والتائهين بين أوجاعهم وأمل الشفاء.
ليس المستشفى مجرد مبنى من حجر وإسمنت، بل هو قلب نابض بالحياة. في ممراته تُروى قصص المرضى: مريض استعاد عافيته بعد رحلة علاج طويلة، وطفلٌ خرج إلى الحياة بين جدرانه البيضاء، وامرأةٌ وجدت في قسم الطوارئ يداً رحيمة انتشلتها من بين أنياب الخطر.
أقسامه الطبية تتوزع كأطياف الأمل: من الطوارئ التي تحتضن الحالات الحرجة، إلى غرف العمليات التي تشهد دقة الجراحين، إلى قسم الأطفال الذي يضيء بضحكاتهم البريئة، وقسم النساء والولادة الذي يكتب كل يوم حكايات ميلاد جديدة. أما العناية المركزة، فهي ساحة صامتة لصراعٍ مرير، يقف فيه الأطباء والممرضون كحُرّاس على أبواب الحياة.
في مستشفى كرى العام، لا يقتصر الطب على وصفة دواء أو عملية جراحية؛ بل يتجسد في لمسة إنسانية، وفي كلمة مشجعة، وفي ابتسامة تزرع الطمأنينة في قلب المريض. هنا، يلتقي الواجب بالمحبة، والعلم بالرحمة، فينسج المكان رسالة أعمق من حدود الجدران.
مستشفى كرى العام في مأرب ليس مجرد مرفق صحي، بل هو شاهد حيّ على أن الخدمة الطبية الحقيقية هي عطاء متجدد، ويدٌ حانية، ورسالة إنسانية تسعى لتخفيف الألم وصناعة الأمل.
