آمنة بنت وهب.. الأم التي ودّعها النبي ﷺ صغيرًا وعاد إليها فاتحًا

9 سبتمبر 2025Last Update :
آمنة بنت وهب.. الأم التي ودّعها النبي ﷺ صغيرًا وعاد إليها فاتحًا

الكاتب: غسان دبلول

قبر‬⁩ السيدة ⁦‪آمنة ⁦‪بنت‬⁩ ⁦‪وهب‬⁩ الزهرية أم النبي ﷺ، التي توفيت شابة في مقتبل العمر لا يزيد عمرها عن خمسٍ وعشرين سنة، ودفنت فوق جبل أو تل بالأبواء حتى يحفظ قبرها من جرف السيول.

قالت أم أيمن: هيا يا محمد عاوني نحفر قبر أمك، والنبي ﷺ يحفر وهو يبكي، وأم أيمن تبكي وتصد بوجه النبي عليه الصلاة والسلام، لا تريد أن ينظر إلى قبر أمه.

وضعوا آمنة في القبر وحثَّوا عليها التراب، ثم قامت أم أيمن ممسكةً يد النبي ﷺ قاصدةً الذهاب، فيقول وهو يبكي: أمي.. أمي! لنأخذ أمي معنا، لا نتركها وحدها!، فتبكي أم أيمن لبكائه وكلماته؛ ذلك الطفل الذي جاء إلى الدنيا فاقدًا أباه، وها هو اليوم يتيمًا للمرة الثانية بفقد أمه.

وبعد خمسٍ وخمسين سنة من تلك الحادثة، يعود النبي ﷺ إلى مكة فاتحًا، وراءه عشرات الآلاف من الصحابة. يمر بمنطقة الأبواء، ويعود شريط الذكريات المؤلم. يأمر الصحابة بالجلوس، وينظر في المقابر ثم يتخطى القبور كأنه يبحث عن قبر، حتى انتهى إلى قبر أمه فناجاه طويلاً، ثم ارتفع نحيبه وبكى بكاءً شديدًا.

فلما سمع الصحابة بكاؤه، بكوا لبكائه، ثم عاد حزينًا، فتلقاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: يا رسول الله، ما الذي أبكاك؟ لقد أبكانا وأفزعنا!، فقال ﷺ: إن القبر الذي رأيتموني أناجي، قبر آمنة بنت وهب أمي، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي. فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة من الرقة، فذلك الذي أبكاني.

فبكى النبي ﷺ وبكى الصحابة جميعًا، حتى لم يُر يومًا بكوا فيه أكثر من ذلك اليوم. كان فتح مكة يوم عز ونصر مؤزر، وبين زحام البيعة والتهنئة، لمح النبي ﷺ عجوزًا طاعنةً في السن تمشي نحوه. اقتربت منه، تنظر إلى وجهه ولا تكاد ترى جيدًا، فتأملته. فسأل: من هذه؟، قالوا: هذه حليمة السعيدة يا رسول الله.

فبكى ﷺ وحضنها، ومسح على رأسها وقبّل يدها. تعجب الصحابة، فقال لهم: ما بكم؟ هذه أمي.. أمي حليمة.

فخلع رداءه وفرشه لها، وجلس معها والناس حوله، ثم قال: دعوني أنا وأمي ولو لساعة. وكأنه يقول: دعوني أحدثها عما جرى بي في تلك السنين، وأشكو لها همي، دعوني أبكي أمامها كما كنت أبكي في حضنها وأنا رضيع.

عليه أطيب الصلاة وأزكى السلام.

Breaking News