تُعد ظاهرة ختان الفتيات قضية اجتماعية وصحية حساسة في اليمن، حيث تتنوع الآراء حولها بين مؤيد ومعارض. يبرز هذا الموضوع بشكل خاص في المناطق الريفية، حيث لا تزال العادات والتقاليد تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الممارسات الاجتماعية.
رغم الجهود المبذولة للحد من هذه الظاهرة، إلا أن ختان الفتيات ما زال مستمرًا، مما يثير قلق المجتمع المدني والجهات الصحية.
يُشير العديد من الدراسات إلى أن نسبة ختان الفتيات في اليمن تتراوح بين 20% إلى 40%، مع ارتفاع النسبة في المناطق الريفية.
ويُعتبر هذا التقليد جزءًا من الموروث الثقافي في بعض المجتمعات، حيث يُعتقد أنه يحافظ على الشرف ويعزز من فرص الزواج. لكن، على الجانب الآخر، يُعد ختان الفتيات انتهاكًا لحقوق الإنسان ويؤثر سلبًا على صحة الفتيات.
أم علي، من إحدى القرى الريفية تقول، أم لثلاث فتيات تقول، إن ختان البنات يُعتبر تقليدًا متجذرًا في المجتمع: “كل الأمهات ختنت بناتهن، وأنا فعلت ذلك لأن والدتي فعلت نفس الشيء. نحن نعتقد أنه يحمي الفتاة ويزيد من فرص زواجها.
في المقابل، أبدت “نجلاء”، وهي شابة في العشرينات من عمرها، رأيًا مختلفًا: “أشعر أن ختان الفتيات هو انتهاك لحقوقنا. يجب أن يكون لدينا الحق في اتخاذ قرارات بشأن أجسادنا. لا أريد أن أختن بناتي عندما أنجب.”
**تأثير العادات والتقاليد**
تُظهر هذه الآراء التباين في التفكير بين الأجيال. بينما تظل بعض الأمهات متمسكات بالعادات القديمة، فإن الفتيات الشابات يظهرن رغبة في التغيير. يُشير الباحثون إلى أن التعليم والوعي هما المفتاح لتغيير هذه الممارسات.
للحديث عن المخاطر الصحية والاجتماعية المرتبطة بختان الفتيات، يقول الدكتور “محمد علي “، أخصائي في طب النساء والتوليد: “ختان الفتيات له آثار صحية ونفسية خطيرة. قد يتسبب في مضاعفات فورية مثل النزيف والعدوى، بالإضافة إلى مشاكل مستقبلية في الحمل والولادة. يجب أن نفهم أن هذه الممارسة لا علاقة لها بالدين، بل هي تقليد ثقافي.”
ويضيف: “هناك حاجة ماسة للتثقيف حول حقوق الفتيات وصحتهن. يجب أن نعمل على نشر الوعي في المجتمعات الريفية، حيث تظل هذه العادات متجذرة.”
**التحديات المستقبلية**
رغم هذه الجهود، يظل التحدي الأكبر هو تغيير العقلية السائدة في المجتمع. تحتاج هذه الجهود إلى دعم مستمر من قبل المجتمع المحلي، بالإضافة إلى تعزيز التعليم وتوفير الفرص للفتيات.
ختان الفتيات في اليمن، وخاصة في الأرياف، يمثل قضية معقدة تتطلب تضافر الجهود من جميع فئات المجتمع. من خلال التوعية والتعليم، يمكننا العمل نحو القضاء على هذه الممارسة الضارة وضمان حقوق الفتيات في العيش بكرامة وصحة. إن تغيير العادات والتقاليد ليس بالأمر السهل، ولكنه ممكن من خلال الحوار المستمر والجهود المشتركة.
**تقرير أممي**
أفاد تقرير أممي بأن ما يقرب من خُمس الفتيات في اليمن تعرضن للختان، خاصة في المناطق الساحلية، التي تكثر فيها ممارسة هذه العادة ذات التأثيرات الخطيرة على حياتهن.
وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) في تقرير حديث: “تظل ممارسة ختان الإناث حقيقة قاسية في اليمن، حيث خضعت 19% من الفتيات لهذا الإجراء، خاصة في المناطق الساحلية في جنوب وغرب البلاد”.
وأضاف التقرير أن واحدة من كل خمس نساء بين (15 – 49 سنة) تعرضن لعمليات الختان.
وأشار الصندوق الأممي إلى أن عمليات الختان ممارسة متجذرة في اليمن، ورغم آثارها الجسدية والنفسية الضارة، فإنها لا تزال مستمرة بسبب الأعراف والضغوط الاجتماعية، والخوف من النبذ، وغياب المحظورات القانونية، وقلة الوعي بمخاطرها.
وأوضح التقرير أن المعركة ضد ختان الإناث في اليمن لم تنته بعد “ويتعين علينا دعم الشبكات العاملة على الأرض، وتعزيز أصوات الناجيات، والدفع نحو تغييرات في السياسات التي تحمي الفئات الأكثر ضعفاً”.
ودعا صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى ضرورة التعاون من أجل إنهاء ختان الإناث وحماية مستقبلهن.
وقال الصندوق: “لا ينبغي لأي فتاة أن تعاني في صمت، ولا ينبغي لأي أم أن تتحمل الألم الناجم عن فقدان طفلها بسبب هذا التقليد الضار الذي عفا عليه الزمن. لقد حان الوقت لكسر هذه الدائرة والاستماع إلى الصرخات الصامتة. لقد حان الوقت للتحرك لحماية حقوق ورفاهية فتيات اليمن، فمستقبلهن يعتمد على ذلك”.